> خرج احدهم مع ابنه خارج المدينة ليعرفه على تضاريس الحياة في جو نقي.. بعيداً عن صخب المدينة وهمومها ..
> >
> > سلك الاثنان وادياً عميقاً تحيط به جبال شاهقة.. وأثناء سيرهما تعثر الطفل في مشيته.. سقط على ركبته..
> > صرخ الطفل على إثرها بصوتِ مرتفع تعبيراً عن ألمه: آآآآه
> >
> > فإذا به يسمع من أقصى الوادي من يشاطره الألم بصوت مماثل: آآآآه
> >
> > نسي الطفل الألم وسارع في دهشةٍ سائلاً مصدر الصوت: ومن أنت؟؟
> >
> > فإذا الجواب يرد عليه سؤاله: ومن أنت؟؟
> >
> > انزعج الطفل من هذا التحدي بالسؤال فرد عليه مؤكداً: بل أنا أسألك من أنت؟
> >
> > ومرة أخرى لا يكون الرد إلا بنفس الجفاء والحدة: بل أنا أسألك من أنت؟
> >
> > فقد الطفل صوابه بعد أن استثارته المجابهة في الخطاب.. فصاح غاضباً :أنت جبان
> >
> > فهل كان الجزاء إلا من جنس العمل.. وبنفس القوة يجيء الرد: أنت جبان
> >
> > أدرك الصغير عندها أنه بحاجة لأن يتعلم فصلاً جديداً في الحياة من أبيه الحكيم الذي وقف بجانبه دون أن يتدخل في المشهد الذي كان من إخراج ابنه
> >
> > *******
> > قبل أن يتمادى في تقاذف الشتائم تملك الابن أعصابه وترك المجال لأبيه لإدارة الموقف حتى يتفرغ هو لفهم هذا الدرس
> >
> > تعامل الأب كعادته بحكمة مع الحدث.. وطلب من ولده أن ينتبه للجواب هذه المرة وصاح في الوادي: إني أحترمك
> >
> > كان الجواب من جنس العمل أيضاً.. فجاء بنفس نغمة الوقار: إني أحترمك
> >
> > عجب الشاب من تغير لهجة المجيب.. ولكن الأب أكمل المساجلة قائلاً: كم أنت رائع
> >
> > فلم يقلّ الرد عن تلك العبارة الراقية: كم أنت رائع
> >
> > ذهل الطفل مما سمع ولكن لم يفهم سر التحول في الجواب ولذا صمت بعمق لينتظر تفسيراً من أبيه لهذه التجربة الفيزيائية
> >
> > *******
> >
> > علق الحكيم على الواقعة بهذه الحكمة
> >
> >
> >
> > أي بني.. نحن نسمي هذه الظاهرة الطبيعية في عالم الفيزياء: صدى.. لكنها في الواقع هي الحياة بعينها..
> >
> > إن الحياة لا تعطيك إلا بقدر ما تعطيها.. ولا تحرمك إلا بمقدار ما تحرم نفسك منها الحياة مرآة أعمالك وصدى أقوالك
> >
> > إذا أردت أن يحبك أحد فأحب غيرك
> >
> > وإذا أردت أن يوقرك أحد فوقر غيرك
> >
> > إذا أردت أن يرحمك أحد فارحم غيرك
> >
> > وإذا أردت أن يسترك أحد فاستر غيرك
> >
> > إذا أردت الناس أن يساعدوك فساعد غيرك
> >
> > وإذا أردت الناس أن يستمعوا إليك ليفهموك فاستمع إليهم لتفهمهم أولاً
> >
> > لا تتوقع من الناس أن يصبروا عليك إلا إذا صبرت عليهم ابتداء
> >
> > أي بني.. هذه سنة الله التي تنطبق على شتى مجالات الحياة
> >
> > وهذا ناموس الكون الذي تجده في كافة تضاريس الحياة
> >
> > إنه صدى الحياة
> >
> > ستجد ما قدمت وستحصد ما زرعت